المبعوثة الأممية إلى ليبيا: على الجميع تجاوز الانقسام وإنهاء المرحلة الانتقالية

المبعوثة الأممية إلى ليبيا: على الجميع تجاوز الانقسام وإنهاء المرحلة الانتقالية
الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه

حذّرت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا، هانا تيتيه، من أن استمرار الانقسام المؤسساتي في البلاد قد يؤدي إلى انقسامات أعمق، مؤكدة أن جميع المؤسسات الليبية تجاوزت ولاياتها الشرعية، ما يفرض ضرورة الإسراع في إجراء الانتخابات الوطنية لتشكيل حكومة نابعة من إرادة الشعب.

شددت تيتيه في حوار لها مع "أخبار الأمم المتحدة"، نشر الاثنين، على أن الانتخابات ليست غاية في حد ذاتها، بل وسيلة لتأسيس سلطة شرعية ومستقرة تتخذ قراراتها باسم الشعب.

وقالت تيتيه، إن هناك إجماعًا عامًا بين الأطراف الليبية على ضرورة إجراء الانتخابات، غير أن الخلاف يكمن في كيفية الوصول إليها، ففي الغرب، يؤكد القادة أهمية معالجة قضايا جوهرية أولاً، كصياغة الدستور وتوحيد المؤسسات المسؤولة عن تنظيم العملية الانتخابية، في حين يدعو المسؤولون في الشرق إلى تشكيل حكومة جديدة أولًا تتولى مهمة قيادة البلاد نحو الانتخابات.

وللتقريب بين هذه الرؤى، أنشأت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا لجنة استشارية فنية، أوكلت إليها مهمة دراسة التحديات التي تعترض طريق الانتخابات، واقتراح خارطة طريق قابلة للتنفيذ.

التوافق السياسي

أوضحت تيتيه أن تنظيم الانتخابات يتطلب عدة عناصر متكاملة، تشمل وجود حكومة ذات تفويض شعبي، وتوفر الإرادة السياسية، مشيرة إلى نجاح المرحلة الأولى من الانتخابات البلدية وتسجيل الناخبين، ما اعتبرته خطوة مهمة على طريق الانتخابات الوطنية.

وأكدت أن الانتخابات يمكن أن تُجرى إذا ما أبدى القادة الليبيون الاستعداد لذلك، معتبرة أن المشكلة لا تكمن في الأحزاب السياسية الصغيرة، بل في القيادات المتحكمة في مؤسسات الحكم مثل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، حيث تعاني الأخيرة من انقسامات داخلية تحد من فاعليتها.

وأشارت تيتيه إلى وجود أطراف مسلحة وجهات سياسية قد لا ترى مصلحة في إجراء الانتخابات، وهو ما يتطلب معالجة مخاوفها أثناء إعداد خارطة الطريق، لضمان مشاركتها في المسار السياسي.

توافق سياسي شامل

وأضافت أن الانخراط مع الجيش الوطني الليبي وحكومة الوحدة الوطنية، والاعتراف بدور الجماعات المسلحة الأخرى، يشكل أساسًا ضروريًا لبناء توافق سياسي شامل.

ورغم هشاشة الوضع الاقتصادي، أكدت تيتيه أن ليبيا تمتلك من الموارد ما يكفي لتوفير حياة كريمة لشعبها، معتبرة أن المشكلة الأساسية تكمن في سوء إدارة المال العام.

وأبدت البعثة الأممية استعدادها للتعاون مع سلطات الشرق وحكومة الغرب، بغرض الوصول إلى ميزانية موحدة وتنظيم الإنفاق العام، بما يعزز تقديم الخدمات الأساسية للمواطنين.

أشادت تيتيه باستمرار وقف إطلاق النار في ليبيا، إلا أنها شددت على ضرورة استكمال جهود توحيد المؤسسات الأمنية، معتبرة أن غياب حكومة موحدة يعوق عملية دمج الفصائل المسلحة ضمن بنية أمنية وطنية واحدة.

وأوضحت أن فريق الأمن في بعثة أونسميل يعمل بشكل دائم مع اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) لتعزيز الالتزام باتفاق وقف إطلاق النار.

المرتزقة وتهديدً السيادة الليبية

أكدت تيتيه أن وجود القوات الأجنبية والمرتزقة لا يزال يمثل تحديًا كبيرًا أمام سيادة ليبيا، مشددة على أن الحل الأمثل يتمثل في تأسيس قوات أمنية موحدة تحت إشراف حكومة وطنية منتخبة، تكون مسؤولة عن حماية الشعب الليبي.

وربطت تحقيق هذا الهدف بإجراء الانتخابات، وتشكيل سلطة شرعية قادرة على قيادة عملية التوحيد الأمني.

واعتبرت تيتيه أن المجتمع الليبي، كغيره من المجتمعات الذكورية في إفريقيا، لا يمنح النساء فرصًا متساوية، مشيرة إلى ضرورة توفير الحماية القانونية والمدنية لتمكين النساء الليبيات من أداء دورهن الكامل في بناء الدولة.

وكشفت عن دعم أونسميل لمشروع قانون لمنع العنف ضد النساء، تم رفعه إلى مجلس النواب، معربة عن أملها في أن يتم إقراره قريبًا، كخطوة أساسية لحماية النساء وتعزيز مشاركتهن.

دعم مسار التسوية

أعربت تيتيه عن امتنانها للدعم الذي تلقته من مجلس الأمن الدولي، مؤكدة أن الموقف الموحد للأعضاء يمنح الأمم المتحدة قوة إضافية ويحدّ من قدرة الفاعلين المحليين والدوليين على تعطيل العملية السياسية في ليبيا.

ودعت دول الجوار الإقليمي إلى تبني موقف مشابه، معتبرة أن الوضع في ليبيا هش لكنه قابل للتحسن، إذا توافرت الإرادة السياسية والدعم الدولي اللازم.

تعاني ليبيا منذ عام 2011 من انقسام سياسي حاد، وانقسام مؤسساتي بين الشرق والغرب، تعثر معه تنظيم الانتخابات، على الرغم من المساعي التي تقودها الأمم المتحدة منذ سنوات، ومع تجاوز كل المؤسسات لولاياتها القانونية، تزداد الدعوات لإيجاد تسوية تضع حدا للمرحلة الانتقالية، وتنقل البلاد إلى حكم مستقر وموحد يعبر عن إرادة الليبيين.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية